الكون كائن حيوي له إرادة

الكون كائن حيوي ينمو ويتحرك وفق سنن تحكمه ملازمة له، وحياة الكون ليست الحياة الواعية المنطقية التي يعي الكون بها حركته وتوجهه، وإنما حياة برمجية سننية، فهل يصح أن نصف الكون بأن له إرادة؟

أراد : كلمة تدل على القصد والعزم على الشيء وتحديده، والاندفاع بقوة و التوجه له والميل نحوه والرغبة بالشيء، وهذه الكلمات هي تعبير نسبي لتقريب مفهوم الإرادة.

وهذا الفعل قد يصدر من كائن واعي عاقل عالم أو كائن غير واعي و لا عالم، مثل إرادة الحيوانات والنبات أو الأشياء الجامدة في حركتها الظاهرة، وقد استخدم القرءان ذلك في نص :

{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً }الكهف77

فالنص نسب فعل (الإرادة و الانقضاض) للجدار، وهذا يدل على أنه فاعل له ظاهراً وصدر منه الفعل، واسم الفاعل من هذا النوع فاعل ظاهري ( يسميه أهل النحو بفاعل مجازي) لأنه حقيقة لا يوجد عنده توجه وقصد واعي منطقي حر استخدمه في فعل الانقضاض، وإنما يوجد عنده برمجة سننية تحكمه تظهر من خلاله في حال تفاعلت هذه السنن ذاتياً و تأثرت بالمحيط الخارجي، فنتيجة سنة الهلاك الجدلية التي يقوم عليها الشيء والعوامل الخارجية المؤثرة أدت في الجدار ذاتياً ودفعته للانقضاض نحو السقوط، وبالتالي يصح القول : أراد الجدار أن ينقَضَّ.

وقد أتى في القرءان استخدامات مثل ذلك في عدة نصوص من حيث نسبة الفعل للأشياء، وهذا يقتضي وجود الإرادة لها، وهي نسبة ظاهرية حقيقة وليست هي واقع الحال منطقياً.

{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا }الزمر69

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ }الكهف86

نسبة الفعل للأشياء ووصفها بأنها فاعل ولها إرادة إنما هو على وجه النسبية الظاهرة المشاهدة وليس إثبات أنها فاعل حر حقيقة بذاتها تملك علماً ومنطقاً ووعياً بفعلها.

وبناء على ذلك نقول: الكون كائن حيوي فاعل ظاهراً وله إرادة سننية