أنواع التّفكير

التّفكير فاعلية؛ كما ذكرت سابقاً، وهو عملية الشُّعُور بالمسؤولية، والمبادرة لحملها في الواقع، وتحصيل المعلومات، من خلال دراسة الأمر المعني، وبناء على ذلك؛ فأي عملية عقلية، لا تتحقق فيها تلك الدّراسة لا تُسمى تفكيراً، ولو أطلقوا عليها ذلك؛ فإنه تساهل من العلماء، فالحكم على الشّيء دون دراسة وفهم؛ لا يسمى تفكيراً، بل هو عملية عقلية سطحية لا أكثر، وكذلك قول أحدنا: أنا أفكر؛ فليس أكثر من تدوير المعلومات في الذّهن، والحكم عليها نتيجة فهم وتعقل لها، أو ربما هو شارد الذهن ومشتت.
فالأَولى أن تُسمى عملية تعقل فقط، لا تفكير؛ وبناء على ما ذكرت من كون التّفكير، تحصيلَ المعلومات عن الشّيء و دراستها؛ فله نوعان لا ثالث لهما:
1ـ التّفكير العميق: وهو تحديد الشّيء المراد دراسته، والقيام بتحصيل المعلومات المتعلقة به، ( كيف، وسار، وصار في الواقع ) ومن ثمَّ، الوُصُول إلى القانون الذي يحكمه، والحكم عليه بناءً على نتيجة الدّراسة، وهذا النّوع من التّفكير هو صفة العلماء والباحثين، الذين يغوصون في الجزئيات، ويبتعدون عن الكليات.
2 ـ التّفكير المستنير: هو تفكير عميق، أو استخدام التّفكير العميق للآخرين يضاف له النّظرة الكُلِّيَّة لهذا الأمر، ضمن منظومته التي ينتمي إليها، وعلاقة منظومته بالمنظومات الأخرى، وتعلقه بما حوله وما قبله وما بعده، وما يمكن أن ينتج عنه من عواقب، لذا؛ فهو تفكير مقاصدي عواقبي كلي شمولي، وهذا التّفكير، صفة القادة السّياسيين و علماء الاجتماع، والأمة بحاجة ماسة لنوعي التّفكير، العميق، والمستنير؛ كي تنهض وتُنشئ حضارة.
وبناء على ما ذكرت، نلاحظ؛ أن معظم الناس هم في دائرة التعقل فقط، (فهم وفقه وتفاعل ) لم يصلوا إلى دائرة التفكير( الفاعلية )، وقد لا يصلون إليها في حياتهم كلها، ناهيك عن وجود فئة من الناس لم تصل إلى مستوى التعقل أصلاً، ويعيشون في حالة الانفعال مثل باقي الكائنات الأخرى !.
لذا؛ ينبغي أن نفرق بين الانفعال، والتفاعل، والفاعلية.