نقد مفهوم كلمة الجيوب عند الشحرور
{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ }النور31
لقد ذكر الشحرور أن دلالة كلمة جيب تدل على شق أو فرجة في الشيء، وأرجع دلالتها في النص إلى جسم المرأة وحصره بفتحة القُبل والدبر والإبطين والثديين، وقال هذا الحد الأدنى لعورة المرأة، و ما سواه يرجع للعرف والعادات والآداب والتقاليد. (الكتاب والقرءان)
لنرى مدى صحة كلامه من خلال دراسة مفهوم دلالة كلمة ضرب والجيوب
النصّ لم يستخدم فعل الأمر بالتغطية، أو الستر، بل أتى بفعل الضرب، الذي يدلُّ على إيقاع شيء على شيء، يترك فيه أثرًا، نحو ضرب الأمثال، وضرب الرقاب، والضرب في الأرض سفرًا أو عملًا، وما شابه ذلك، كما أن النصَّ لم يستخدم كلمة (الرأس)، وإنما استخدم كلمة (الجيوب)، التي هي جمع (جيب)، وتدلُّ على الفتحة بين شيئَيْن، والجيب في الثياب معروف.
ومن هذا الوجه ذكروا أن الجيوب هي فتحة الثياب من جهة العنق، وهذا الجيب أحد الصور والاحتمالات في الثياب؛ انظر إلى قوله تعالى، خطابًا لموسى: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل : 12].
{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [القصص: 32].
فأين أدخل النبي موسى يده؟
وورد عن النبي العظيم أنه قال: (ليس منّا من لطم الخدود، وشقَّ الجيوب). البخاري، ومسلم.
فماذا كانت تشق النساء؟
فدلالة كلمة (جيوبهن) هي فتحات في ثياب المرأة وليس في جسمها، أمر المشرع وشدّد على عملية الضرب عليها، عندما تضرب المرأة في الأرض سعيًا، ونشاطًا؛ أيْ: عندما تريد أن تخرج إلى الحياة العامة، يجب عليها التأكّد من إغلاق هذه الفتحات التي ظهر منها رأسها وأطرافها الأربعة، وإحكامها؛ حتى لا يظهر من خلالها للناس ما أمر المشرع بتغطيته في الأمر السابق، بصيغة النهي عن الإبداء (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ).
فأين دلالة وجوب تغطية الرأس أو الشعر في هذه الجملة (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)؟ إلا إنْ عدّوا الرأس جيبًا، وعلى افتراضهم ذلك؛ لا يصحُّ هذا الاستدلال لتصادمه مع الأمر الذي قبله؛ إذْ أتى بصيغة الحصر (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)، والحصر يفيد الإغلاق على ما بعده، ولا يسمح بإدخال أحد في المضمون من نصّ آخر، فما أعطاه المشرع حُكْم الإباحة بصيغة الحصر لا يمكن أنْ يأتي نصّ آخر، ويعطيه حُكْم الوجوب، أو التحريم، غير أن أمر الضرب بالخمار على الجيوب لا يعني التغطية لسانًا، أو منطقًا، رغم حصول بعض التغطية حالًا، كنتيجة للضرب، ولكنْ؛ دون قصد لذلك.
والمقصود من الضرب على الجيوب هو الحفْظ لما بداخلها، وليس لما يخرج منها، كما أن التغطية ليست من دلالة كلمة (ضرب)، ولا يصحُّ إطلاق كلمة الجارحة على الرأس ؛ لأن الجارحة هي العضو الذي يتمُّ استخدامه في الحياة المعيشية، والعملية، مثل الفم في الوجه، والأصابع في اليدَيْن…إلخ. أمَّا الرأس والشعر؛ فهما ليسا من الجيوب، ولا من الجوارح.
للتوسع في دراسة الموضوع كاملا يرجى مراجعة كتابي
غطاء رأس المرأة أو شعرها حكم ذكوري وليس قرءانيَّا
اضف تعليقا